لماذا انزعج البعض من إشهار «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»؟
منصة 26 سبتمبر- خاص:
لم تمر ساعات على إشهار المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في مدينة المخا، بقيادة العميد طارق صالح، في الخامس والعشرين من مارس الجاري، حتى جاءت ردود الأفعال السريعة حول هذا الحدث المهم من قبل العديد من المنتمين لمختلف الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، إذ إن قطاع واسع منهم رأى أن تأسيس مكتب سياسي للمقاومة ضد الحوشيين يمثل بارقة أمل للخلاص من مسببات الحرب التي تدخل عامها السابع في اليمن، وبينما ألتزم الحوثيون الصمت، لم تتوقف الأبواق المعارضة للمكتب الجديد، الحديث عن مخاطر وجود كيان سياسي، يتوقع أن يلعب دوراً كبيراً في الحياة السياسية لليمنيين، #منصة_26_سبتمبر من خلال لقاءاتها مع محللين سياسيين وصحفيين، تحاول الإجابة عن تساؤلات مُلحة، أبرزها، لماذا انزعج بعض المنتمين لبعض القوى السياسية اليمنية، من تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية؟
وهل يعتبر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، بديلاً عن حزب المؤتمر الشعبي العام؟
وإلى أي مدى يمكن للمكتب أن يساهم في توحيد الصفوف ولم شمل المكونات السياسية المناهضة للحركة الحوثية المدعومة من إيران؟
أحقاد سياسية:
في بيان إشهار المقاومة الوطنية، من مدينة المخا على الساحل الغربي جنوب تعز، والذي اطلعت “منصة 26 سبتمبر”، على نسخة منه، أكدت المقاومة الوطنية “أن المكتب سيكون تعبيراً عن مسيرة الكفاح والتضحيات التي تسطرها قوات حراس الجمهورية إلى جانب رفاق السلاح في القوات المشتركة وكل الأبطال في جبهات الدفاع عن الجمهورية اليمنية تحت مضلة الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً”، لكن ذلك لم يعجب البعض.
وعن سبب ذلك يرى المحلل السياسي “محمود الطاهر” في حديثه لـ”منصة26سبتمبر”، بأن “البعض لا يريد للعميد طارق صالح التقدم بسبب خلافات قديمة، ولا يريد من عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أن يكون لها مستقبل سياسي من باب العداء الشخصي، وآخرين انزعجوا إعلانه أنه مع الشرعية، بعد أن كانوا يراهنوا أنه ضدها”.
ويشير الطاهر، بأن “حزب الإصلاح يخشى بأن المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وهو المكون السياسي الذي يدعم العسكري، سيكون حجر عثرة له في تحقيق مطامع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن”.
“بالنسبة لمليشيات الحوثي، فإنها تخشى من طارق صالح، لأنها تدرك بأنه العدو اللدود الحقيقي لهم، وهو الوحيد الذي يقاتلهم بحقيقة مطلقة وعزيمة صادقة مع قوات العمالقة والقوات التهامية، ويخشون من أن يلتم الكثير حوله” يقول الطاهر.
مشروع جامع:
في خطابه، خلال إشهار المكتب السياسي للمقاومة، قال قائد المقاومة الوطنية، عضو القيادة المشتركة في الساحل الغربي “العميد طارق صالح”، إن “إطلاق المشروع السياسي للمقاومة الوطنية لا يقتصر عليها وأبوابه مفتوحة للجميع”.
داعيا إلى “مصالحة واصطفاف وطني حقيقي لمواجهة المشروع الكهنوتي المدعوم إيرانيا”، وهو الأمر الذي يتيح للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، أن يكون ممثلاً هاماً كحامل سياسي لقوات المقاومة الوطنية ومناصريهم، في إطار المكونات الأخرى كالمجلس الانتقالي والقوات الحكومية الشرعية.
كما يرى الصحفي “صلاح الجندي” وفي حديثه لـ”منصة26سبتمبر”: “يعتبر تشكيل المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في هذه المرحلة، تعبيراً عن استشعار القائمين عليه، بأهمية المرحلة المقبلة المتعلقة بالتسويات، وبالتالي يكون للمقاومة الوطنية حضور في التسويات من خلال هذا المجلس، كما حدث مع تشكيل المجلس الانتقالي الذي فرض نفسه على أرض الواقع، وأصبح شريك للحكومة الشرعية ضمن بنود اتفاق الرياض”.
ومن وجهة نظره يدلل الجندي “انزعاج بعض المنتمين للقوى السياسية من إشهار المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، هو لعدم رغبته تلك القوى، في أن يكون هناك مكونات منافسه لهم لان أحزابهم هي من تسيطر على الشرعية، وجعلتها بهذا الضعف، وشيطنوا كل من ينافسها، سواء كمكون سياسي أو عسكري”.
بديلاً أم ليس بالبديل؟
يتساءل بعض المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام من خلال منشورات كتبوها في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، هل تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، يعتبر الإطار السياسي البديل عن حزب المؤتمر.
وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي “محمود الطاهر” أنه “من خلال أدبيات إشهار المكتب السياسي للمقاومة، يتضح الأمر جلياً أنه ليس مكون سياسي بديل عن المؤتمر، فالمكتب السياسي يحتاجه اليمنيون في الوقت الراهن، من أجل تحريك المياه الراكدة التي أحدثتها الأحزاب السياسية”.
من جانبه يرى الصحفي “صلاح الجندي”، أنه “لا ينبغي أن تكون النظرة تجاه المكتب السياسي للمقاومة الوطنية قاصرة، ووضعها مقارنة مع حزب المؤتمر، لسبب مهم، وهو أن المكتب السياسي للمقاومة يعبر عن قوى عسكرية من انتماءات كثيرة، فالمقاومة الوطنية، فيها ألوية عديدة ومن مختلف التوجهات، ولهذا في اعتقاد الجندي، إرادات المقاومة الوطنية أن يكون لها حاضن سياسي للمفاوضات والتسويات القادمة”.
المعركة الأهم:
ناشطون وصحفيون تابعين لحزب الإصلاح، كانت لهم وجهات نظر مغايرة عن بعض المتطرفين في الحزب تجاه تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، ومن بين تلك الأصوات المرحبة للكيان السياسي الجديد، الإعلامي “عبد الله دوبله” كتب على صفحاته على موقع التواصل الاجتماعي “يحاول بيان المكتب السياسي للمقاومة الوطنية القول إنه ضمن مشروع وطني يسعى للعودة للتداول السلمي للسلطة، وهذا بحد ذاته أمر جيد”.
أما “مراد إسماعيل” الناشط المقرب من حزب الإصلاح، فقد وجه رسالة لناشطي حزب الإصلاح “مع فهمنا لأهداف إعلان المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، أرى أن لا ينشغل بعضنا في الردح مع مؤيديه على حساب معركتنا الأهم ضد مليشيا الحوثي، انطلاقاً من أهمية التفريق بين خلاف سياسي وخلاف وجودي”.
وأختتم إسماعيل رسالته بالقول “الخلاف مع مليشيا الحوثي خلاف وجودي، هم من يقولون ذلك وليس نحن، أما بقية القوى والمكونات فالخلاف معها سياسي في المقام الأول”.