في عام 2016، أبرمت الحكومة الكولومبية ومتمردو القوات المسلحة الثورية المعروفة اختصارا باسم “فارك” اتفاق سلام تاريخي لإنهاء نصف قرن من الحرب الأهلية وفتح الأبواب أمام تدفق السياح.
وقد توافد العام الماضي أكثر من أربعة ملايين سائح على البلاد. ولا تزال مدن بوغوتا وقرطاجنة وميديلين تأتي في صدارة الوجهات الأكثر جذبا للسياح بين المدن الكولومبية، لكن واحدا من بين كل 20 سائحا يزور مدينة سانتياغو دي كالي، أو كالي اختصارا، تلك المدينة الدافئة التي تعج بالنشاط والحركة، ويبلغ عدد سكانها 2.7 مليون نسمة، وتقع في وادي نهر كاوكا حنوبي البلاد.
وقد ترجع قلة عدد زوار مدينة كالي إلى سمعتها السيئة في عالم الجريمة والمخدرات التي ساهمت في ترسيخها مسلسلات هوليوود الأكثر شهرة، مثل “ناركوس”.
وفي الثمانينيات والتسيعنيات من القرن الماضي، كانت كالي واحدة من أخطر المدن في العالم، إذ كانت معقلا لتجار المخدرات والأسلحة والقنابل والمجرمين، وكان يمسك بزمام الأمور فيها الأشقاء رودريغز، مؤسسو “منظمة كالي الإجرامية”، التي تعد واحدة من أقوى الاتحادات الإجرامية في التاريخ.
لكن الآن يقضي الأشقاء رودريغز عقوبة السجن في السجون الأمريكية، وانخفضت معدلات الجرائم انخفاضا مطردا بسبب بعض الإجراءات التي فرضتها الحكومة، مثل حظر حمل الأسلحة في أيام صرف الرواتب، وتشديد قوانين شرب الخمر ليلا. كما انخفضت معدلات جرائم القتل العمد في المدينة في الفترة ما بين 1993 و2018 بنسبة 82 في المئة.
ولمدينة كالي تاريخ طريف ومميز، نظرا لقربها من ميناء بوينافينتورا المطل على المحيط الهادئ. ففي القرن السادس عشر، نقل التجار الإسبان عشرات الآلاف من العبيد من إفريقيا عبر ميناء بوينافينتورا للعمل في مزارع قصب السكر الشاسعة المحيطة بمدينة كالي، ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة مركزا للثقافتين الأفريقية واللاتينية في كولومبيا، وتغيرت ثقافة المدينة إلى الأبد.
وفي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، جلب البحارة إلى الميناء اسطوانات غرامافون مسجل عليها نوع جديد من الموسيقى التي حققت انتشارا واسعا في مدينة نيويورك، وهي السالسا التي تمزج بين المامبو الكوبي والإيقاع البورتوريكي. واليوم أينما تتجه في مدينة كالي، عاصمة السالسا في العالم، تسمع صوت نغمات موسيقى السالسا سريعة الإيقاع المميزة في الحانات والمتاجر ومدارس الرقص.
وتمتلك كالي أيضا مقومات أخرى تؤهلها لتستعيد مكانتها بين الوجهات السياحية في كولومبيا، مثل طقسها الدافئ على مدار العام، وجبالها الخضراء الزاخرة بطرق الدراجات، وأطباقها الشهية وحفاوة استقبال سكانها للزائرين.