نازحون في مدينتنا

منصة ٢٦ سبتمبر – عاد نعمان*

لم تلبث أمي (السامية سامية) أن تسترد عافيتها وتستفيق من نكستها الصحية الأخيرة قبيل عيد الفطر,
حتى عاودتها مجدداً مضاعفات وملحقات إرتفاع درجة الحرارة الرطوبة والكآبة، نتيجة الإنقطاعات الطويلة للكهرباء.

سارعنا أنا وأخي بإخراج أمنا من بيتنا، منذ ظهر أمس وحتى المساء، نتنقل بها بين المراكز الطبية، معاينات وفحوصات مرفقة بتوجعها وأنينها المتصاعد.

من وقت إلى آخر تصل إلى مرحلة التعب من التوجع، لتهدأ لحظة وتعاود من جديد، حتى أطمئنينا نسبياً على إستقرار حالتها الصحية، وأنتهى بنا المشوار بعيدين عن بيتنا؛ لنبحث عن أقرب فندق يضمن توفير ظروف بقاء أفضل بمقابل معقول، وللمرة الثانية وجدنا أنفسنا نازحين في مدينتنا.

أمي ليست السيدة الوحيدة تعيسة الحظ مغلوبة الأمر، التي تعاني في هذه المدينة الحزينة والمكلومة، التي أطبق عليها شبح العذاب والظلام، غيرها كثيرات يكابدن الوجع والألم من أمراض مزمنة وضنك الحياة العامة.

ومثلهن كبار السن وأطفال معلولين، في أنين ووجع متواصل، وكذلك رجال في ظل أوضاع معيشية قهرية ومأساوية.

قد تكون الفرصة أمامي أفضل في إيجاد مأمن وملجئ، لكنها ضعيفة جداً وغالباً معدمة لدى شريحة واسعة، تذوق الويلات المستمرة والمتفاقمة للحرب، وإن كانت خفية وضمنية، ولكنها أنكشفت وطفت وظهرت كلياً على السطح.

الكهرباء ليست مجرد مروحة تدور وسراج يضيء، الكهرباء حياة وحس، وذات الشيء بالنسبة لبقية الخدمات، يجب أن تكون مجودة كاملة غير منقوصة، وذلك يشمل الحقوق الأصيلة التي تتصل بدرجة رئيسية بالحفاظ حياة كريمة للمواطن.

كل المشاعر من غضب وغبن ونقمة و.. قليلة بل لا شيء في حق من يستلذون بتعذيبنا وإعدامنا العافية والخير وتغريبنا من بيوتنا وإفقادنا الإحساس بقيمة الحياة, وأستكثروا علينا أيام معدودة براحة ورخاء.

يمتد معي أثر كل ما سبق حتى اليوم (الثلاثاء 3 أغسطس 2021م)، الموافق ذكرى ميلادي، ويصعب علي أن أنسلخ من الهم العام والوضع السائد، وأن أفكر مجرد التفكير في أن أستعيد ذكرى عابرة أو أعيش فرحة خاطفة في يومي الأهم، بينما أمي لا تزال في معاناة وألم في حضرة كل حواسي، ومثلها المدينة ومن فيها, الروح المتعبة واحدة.

بموازاة إطلاق اللعنات بيني ونفسي، سأواصل وأزيد علناً من رفع الأمنيات في ذكرى ميلادي

كل لحظة والجميع في خير وصحة وسعادة ونجاح

كل لحظة وعدن في إستعادة للعافية وتطبيع الحياة

كل لحظة والبلاد والعباد أبعد ما يكون من الحرب، أقرب ما يكون للسلام والأمن والإستقرار.

نحن أكثر قوة وصمود من أي مارق عابث

نحن نستحق الحياة، وجديرون بها

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى