مليشيا على حافة الهاوية الشعبية.. سياسات الحوثي توسع دائرة النقمة اليمنية
منصة ٢٦ سبتمبر – وكالات
مليشيا تدحرجت بها الأقدار على غفلة من السياسة لتتسلط على رقاب ملايين اليمنيين، فوجدت نفسها تدعي أنها دولة أمام شعب عرف معنى الدولة وأين كان يضع قدمه في مسار الحداثة السياسية والاقتصادية، غير أن جزءً منه خُدع بشعارات تعلمتها المليشيا على يد خبراء الحرس الثوري الإيراني وذيله في لبنان، ومع مرور الوقت بانت لكثير من المخدوعين أهدافها المتماهية مع الأجندات الصفوية الفارسية لتقلص دائرة المتأثرين بشعاراتها الزائفة.
عصا خاوية
على غرار سادتها في طهران، أرفقت مليشيا الحوثي آلة الخداع والتضليل الدعائي بأدوات القمع والتعاطي الأمني المتوجس من اليمنيين. ومؤخرا فرضت جرعة سعرية جديدة رفعت أسعار المشتقات النفطية، زادت معها مساحة التذمر الشعبي، وكاحتياطات من مليشيا تحكمها لغة الأمن أعلنت تخوفها مما تعتبرها فوضى، خصوصا وقد كان رفع أسعار النفط العام 2014 سببا رئيسيا في كسبها بعض التعاطف الشعبي الذي شق أمامها طرقا ممهدة لاقتحامها العسكري العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات اليمنية، بجانب فجوات أوجدتها خلافات القوى السياسية.
على صفحته في تويتر أعرب المدعو حسين العزي نائب وزير الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، عن مخاوف المليشيا الحوثية من تحول النقمة الشعبية الهامسة إلى انتفاضة علنية عنيفة، وكعادة الجماعات الإرهابية المتطرفة ولتبرير مسبق وتلويح ضمني باستخدام العصا القمعية أرجع العزي توقعات الاحتجاج الشعبي إلى مؤامرة خارجية، وهذه المرة ليست أمريكية وإسرائيلية ولا حتى من “دول العدوان” وإنما من بريطانيا.
وقال العزي: “في حوار خاص مع يمنيين طلب السفير البريطاني القيام بأنشطة تخريبية ضد حكومة صنعاء”، وكرجل يمتطي منصب نائب وزير خارجية كان باستطاعته، حسب مراقبين، أن يوصل احتجاجا رسميا للسفير البريطاني عبر قنوات اتصال قيادات المليشيا المستمر مع هذا السفير، من خلال الدوائر الإلكترونية، كما تؤكد معلومات خاصة.
مشيرين إلى أن النشر على مواقع التواصل الاجتماعي هو تحذير موجه لليمنيين، بقرينة اختتامه تغريدته التهديدية بقوله ” وشعبنا الذي ضحى من أجل حريته وأمنه يستطيع سحق ذيولكم وإصابتكم بالمزيد من الخيبة”، وغني عن التنويه أن المقصود بـ “ذيولكم” المستهدفة بالسحق هم اليمنيون وليس البريطانيين. طبقا للمراقبين.
على ذات المنوال في التخوف من الاحتجاجات الشعبية التي تختمر على مر الأيام، زادت مليشيا الحوثي من رقابتها على مختلف الأنشطة، وتجاوزتها إلى تشديد مراقبتها الأمنية في المؤسسات الحكومية والخاصة وفي شوارع المدن، بإلزام مدراء وأصحاب تلك المؤسسات وكذا المحال التجارية بتركيب كاميرات مراقبة داخلية وخارجية.
ونقلت وسائل إعلام عن شهود عيان في صنعاء أن المليشيا شنت حملة مداهمة واعتقالات، أمس الأول السبت، ضد أصحاب المحلات التجارية، في صنعاء، بحُجة عدم التزامهم بتركيب كاميرات مراقبة.
وأكدت مصادر أن مليشيا الحوثي، اعتقلت من كل محل تجاري شخصا، حيث بلغ عدد المعتقلين من حي واحد، أكثر من 50 فردا.
احتجاجات العزلة
وقال سكان، من الفئة الأكثر تعليما، في صنعاء لوكالة “2 ديسمبر” إن مليشيا الحوثي انقلبت على الدولة بقوة السلاح مستعينة بشعارات شعبوية مثل ” إسقاط الجرعة” الذي رفعته قبل اقتحامها صنعاء، ومستغلة انهيار السياج السياسي نتيجة خلافات قاتلة بين المكونات والأحزاب السياسية وصلت حد المساس بقواعد اللعبة السياسية القائمة على الديمقراطية والثوابت الوطنية وما جلبه ذلك من إضعاف لسلطة الدولة ومؤسساتها، وزرع اليأس بين أبناء الشعب، ما أدى بالدولة والوسط الشعبي إلى أن يصبحا لقمة سائغة ومؤهلة للاختراق الحوثي.
وأردفوا بأن الطبيعية الهمجية والإرهابية للمليشيا، مضافا إليها الانكشاف الكبير لعمالتها لسلطة الملالي في إيران، وعدم تحقيق أي إنجازات تنموية في أي مجال من المجالات، واتخاذ المليشيا سياسات نهب وإفقار لليمنيين وتدمير لأنشطتهم وممتلكاتهم العامة والخاصة، انعكست في سوء غير مسبوق على أوضاعهم المعيشية، ووضعت اليمنيين وجها لوجه مع الحقيقة الحوثية. كل ذلك جعل المليشيا تستند بالكامل على القمع والإعلام لفك الحصار الشعبي عليها.
وقال السكان ممن أدلوا بآرائهم لوكالة “2 ديسمبر” أن هناك حالة تتوسع من الوعي بأساليب التضليل الإعلامية للمليشيا ولم تعد تنطلي على اليمنيين المقولات والمبررات الحوثية إزاء كثير من القضايا والمواقف.
وتابعوا: وحيال الوسائل القمعية والأمنية لجأ اليمنيون إلى مظاهر احتجاجية أقل خطورة وانكشافا للمليشيا اتسمت في أغلبها بالمعارضة السلبية من خلال مقاطعة الفعاليات الحوثية، والانخفاض المشهود في عدد المصلين بالمساجد التي استولت عليها المليشيا بشكل مباشر، كما أن كلمات الاحتجاج الفردية باتت تسمع بشكل واسع في الشوارع ووسائل النقل ومجالس المقيل وغيرها من التجمعات في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، بالإضافة إلى اشتعال ظاهرة المعارضة الإلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي وإن كان يعوزها التنظيم.
الكثير من الشواهد تؤكد أن مليشيا الحوثي باتت تعيش حالة عزلة عن المجتمع اليمني، وتمدد متسارع وهائل لمساحة النقمة الشعبية، يدلل على أن هذه المليشيا ليست أكثر من ندبة طارئة على الجسد اليمني، وبالونة تخشى الاصطدام بأي دبوس لغضبة شعبية.
المصدر: وكالة 2 ديسمبر