برعاية أمنية.. الفوضى “الإخوانية” تستبيح معافر تعز
منصة ٢٦ سبتمبر – تعز – وكالات
رابع أيام عيد الفطر الماضي كانت قرية الشعبان بعزلة الصنة، جنوبي تعز، على موعد مع أحداث دموية لم تألفها في تاريخها، صحت فيها على اقتحام مسلح من عشرت المسلحين انتهى بجريمة إعدام لأحد شباب القرية.
صبيحة الـ16 من مايو تفاجأ سكان القرية التابعة لمديرية المعافر ريف تعز بأصوات الرصاص الحي جراء اقتحام عشرات المسلحين مدججين بالأسلحة المتوسطة والخفيفة للقرية بحثاً عن أحد شباب القرية بغرض قتله.
توجه المسلحون نحو منزل الشاب خليل عبدالواسع الصنوي واقتادوه من داخل المنزل لينفذوا فيه حكم الإعدام الصادر من قبل ضده من قبل زعيم المجموعة المسلحة ويدعى “رشاد”، بسبب خلاف شخصي.
لم تكتف العصابة بدم الشاب خليل، بل أقدمت على حرق عدد من محاصيل اهل القرية وقامت بإلقاء القنابل على عدد من منازل القرية مع وابل كثيف من الرصاص رغم عدم وجود أي مقاومة مسلحة من أهالي القرية، في مشهد انتقامي لا أكثر.
مصدر مقرب من أهل الشاب قال لـ”نيوزيمن”، إن (3) أطقم من الأمن حذرت بعد ساعات من الجريمة رغم إبلاغهم بها في اللحظات الأولى، وقال بأنها اكتفت بمعاينة مسرح الجريمة ورفضت التحرك للقبض على الجناة المتواجدين في منطقة الأخمور المجاورة والتابعة لمديرية المواسط.
ويوضح المصدر بأن غالبية أفراد العصابة معروفة هويتهم، والبعض منهم ينتمي إلى قوات الجيش بتعز واثنين منهم يتبعان المدعو فواز الفودعي قائد ما يسمى باللواء الأول دعم وإسناد، وهو أحد التشكيلات التابعة لمليشيات الإخوان التي يقودها حمود سعيد المخلافي والممولة من قطر وتتمركز في مواقع بعزلة الصنة.
واتهم المصدر أمن المديرية بالتساهل والتراخي في قضية القبض على الجناة ومحاول تمييع القضية وحلها بالطرق العرفية، وهو ما يرفضه أولياء الدم وأبناء المنطقة الذين يشددون على ثقافتهم المدنية وايمانهم بالقانون ورفضهم لهذه الأساليب.
الثلاثاء الماضي كان العشرات من أهالي القرية والعزلة يحتجون أمام مبنى إدارة أمن المعافر تنديداً بمرور أسبوعين على الجريمة دون القبض على مرتكبي الجريمة.
أبناء العزلة وأهالي الضحية أكدوا، في بيان لهم، بأن “الجناة يسرحون ويمرحون متحدين العدالة ويد القانون وسلطات الأمن، ومتحدين الأهالي وأولياء الدم”، مطالبين السلطة المحلية بالمديرية وجهازها الأمني بالقيام بدوره “درءاً للفتنة وحتى لا تتحول ساحات المديرية إلى ساحة للثارات والاقتتال”.
ولفت أهالي العزلة إلى ظهور جرائم متعددة في العزلة والمديرية “لم يكن له سابق عهد بها وعلى مرأى ومسمع من قيادة المديرية وأجهزتها الأمنية”، مشرين بأن ذلك جاء نتيجة “التراخي والتسيب وغياب المسؤولية لدى الأجهزة المعنية في ضبط وتعقب الجناة وإنفاذ القانون ضد كل الخارجين عنه”.
مؤكدين أن عدم قيام هذه الأجهزة بعملها يجعلها “شريكة في هذا العبث ومسؤولة مسؤولية مباشرة قانونا وقد توفرت لديها بيانات القتلة وأماكن تواجدهم وتراخت عن ضبطهم وتعقبهم وايصالهم إلى أجهزة الضبط القضائي”.
يشير بيان الأهالي إلى تصاعد معدل الجرائم والفوضى في منطقة عُرفت برفضها الشديد لثقافة العنف منذ عقود، كحال مديريات ريف تعز أو ما تسمى تاريخيا بالحجرية إحدى قلاع الفكر والثقافة في اليمن.
إلا أن الأمر اختلف مع سقوطها تحت حكم وسطوة مليشيات الإخوان، التي ولّدت واقعاً جديداً من الفوضى ومحاولات زرع ثقافة العنف والسلاح بشكل لم تألفه الحجرية ومنها مناطق المعافر، تجاوزت فيه حتى المعهود لدى مجتمعات القبلية المسلحة.
ومن شواهد ذلك الحادث المأساوي الذي وقع في حفل زواج في عزلة الصنة أيام عيد الفطر الماضي وراح ضحيته ثلاث فتيات صغيرات بعد أن عبثن بقنبلة يدوية رماها أحد الحضور ولم تنفجر، كأحد آثار ثقافة العنف الإخوانية صار معها الاحتفال بالزواج يتم بالقنابل ولا يكتفى بالرصاص فقط.
ولكي تنجح هذه الثقافة في التوغل، كان لا بد لجماعة الإخوان أن تخلخل منظومة الأمن في المديرية بتعيين أحد عناصرها على رأسها يضمن نقل مشاهد الفوضى التي صنعها الإخوان في مدينة تعز إلى ريفها المدني المسالم.
وتحقق ذلك بتعيين العقيد/ عبدالكريم العلياني مديراً لأمن المعافر في ديسمبر الماضي، ليمثل أكبر دافع لترسيخ مشهد الفوضى الأمنية في المديرية خلال الأشهر الماضية.
وجاء تعيين العلياني في هذا المنصب أشبه بمكافأته على خدماته التي قدمها لجماعة الإخوان، ودوره الهام الذي لعبه في مخططات الإخوان لإسقاط مناطق الحجرية خلال العامين الماضيين.
فالرجل مثّل أول ورقة لاقتحام مدينة التربة قلب الحجرية منتصف أغسطس عام 2019م من قبل مليشيات الإخوان بقيادة مدير أمن تعز منصور الاكحلي، الذي اقتحم مديرية أمن الشمايتين لمحاولة فرض العلياني مديرا لأمن المديرية بدلاً عن مديرها العقيد عبدالكريم السامعي.
كان السامعي أحد اقوى الشخصيات الأمنية نفوذاً وتربطه علاقة قوية بقائد اللواء 35 مدرع الشهيد عدنان الحمادي، لذا أدركت الجماعة أن التخلص منه هي الخطوة الأولى للسيطرة على الحجرية.
وجاء فرض العلياني حينها مديراً لأمن الشمايتين بعد أن شغل منصب مدير أمن مديرية المسراخ، وكان من ضمن المتورطين بتصفية المواطن فيصل محمود وإعدامه إعداما ميدانيا داخل مبنى إدارة الأمن، كما أنه من ضمن المتورطين باقتحام ونهب منزل المحافظ السابق الدكتور أمين أحمد محمود في الأحداث التي شهدتها المديرية في مايو من عام 2019م.
خدمات كبيرة قدمها العلياني لجماعته في سبيل تخلصها من خصومها في حجرية تعز، ويواصل اليوم تقديم هذه الخدمات في مهمته تخليص الجماعة من أكبر خصومها التاريخيين، ألا وهو “مدنية وسلمية” أبناء الحجرية ووعيهم بثقافة القانون والدولة، هذا الوعي الذي مثل عقبة أمام انتشار فكر الإخوان وتغلغله.
ويجسد العلياني شاهداً على ذلك، فلم يحصل الرجل على عضوية المجلس المحلي في مديرية المعافر عن عزلة الجبزية إلا بسبب تحالف حزبه الإصلاح (الذراع المحلي للإخوان في اليمن) مع قوى اليسار ممثلة بالحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري فيما عُرف باللقاء المشترك.
فبدون اللقاء المشترك لم يكن ليحلم الرجل ولا حزبه في الحصول على تواجد في مجلس المديرية جراء ضعف إن لم يكن انعداما تاما لأي قاعدة شعبية أو جماهرية له في المديرية، والتي يحاول اليوم إيجادها عبر ترسيخ ثقافة العنف والسلاح.