محمد عبد الله المحلوي… ملهم الثوار

منصة 26 سبتمبر- تقارير

 

1355ه/1936م

ولد المناضل محمد عبد الله المحلوي في مدينة صنعاء. وهو ثائر، وسياسي، نشأ في أسرة كانت تمتهن صناعة الحلوى، والتحق بالكتاب وهو في سن السابعة من عمره، ثم التحق بإحدى المدارس التركية التي كانت متاحة في مدينة صنعاء، لكن معارضة أسرته لالتحاقه بهذه المدرسة جعلته يترك هذه المدرسة، ويعمل في صناعة الحلوى منميًا ثقافته عبر مطالعة كل ما يصل إليه من الصحف والمجلات والكتب؛ حتى تفتح وعيه وازدادت ثقافته؛ ما أهله لحضور بعض المجالس العلمية التركية، ومنها مجلس كانت تدور فيه المباحثات العلمية والأدبية، ثم يتحول الحديث فيه إلى معارضة السلطان العثماني عبد الحميد وحكمه؛ فأتاح له مزيدًا من الاطلاع والوعي، وزاد أن تعرف على تاجر إيطالي قدم إلى مدينة صنعاء، وهو- بحسب ما يقول الأستاذ محمد الفسيل-: من الإيطالين النوادر الذين يعتبرون الأرض وطن الانسانية جميعها، وكان يعتقد أن على الإنسان، أن ينشر المعرفة أينما وجد، وهذا ما جعل المحلوي يتردد على دكانه، وهناك كان يسمع الكثير من المعارف في العلوم والفلسفة، وعن تاريخ أوروبا، وقصص عن الحرية، واطلع على سيرة العديد من المصلحين في العالم العربي كجمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده وغيرهم.

عندئذ أدرك المحلوي الحالة المتخلفة التي تعيشها اليمن؛ فتنامت لديه النزعة التنويرية، وسعى إلى إيقاظ الهمم، ودعوة الشباب إلى معارضة الظلم، والمطالبة في أن يكو لليمن حظها من التقدم والازدهار، وبدأ مشروع التنوير، بإمكاناته البسيطة، وقد لاقى سخرية من قبل العامة، حتى أنهم كانوا يلقبونه بـ”الأكسجين”، نسبة لأحد أحاديثه الذي تكلم بها، وأشار إلى تكوين الهواء، وهو ما جعله محل تندر الجميع حينها.

بعد انسحاب الأتراك العثمانيون من اليمن، وتسلم الإمام يحيى حميد الدين زمام الحكم فيها أدرك صاحب الترجمة بوعيه الواسع، وذهنه الثاقب أن حكمه لا يختلف عن أسلافه من الترك العثمانيين؛ فسعى إلى معارضته جهارًا، وكشف مظالمه، وأبرز مساوئه، وانضم إليه جماعة من الثوار المناهضين لحكم الإمام يحيى مثل: محمد صالح السنيدار، وحسين السياغي، وأحمد المطاع، وحسن الدعيس، وعبد الله العزب، وعبد الله سنين، وكانوا يعقدون اجتماعاتهم في منزل محمد صالح السنيدار، وحين علم الإمام يحيى باجتماعاتهم ومعارضتهم له بدأ يطلق حولهم الإشاعات، ثم اعتقلهم في مدينة صنعاء تحت مبررات دينية منها: اختصار القرآن الكريم، وسب آل البيت، والعمالة مع الإنجليز والنصارى، وغير ذلك من التهم إلا أن جماعة من حاشية الإمام الذين يميلون إلى أفكار صاحب الترجمة وأصحابه بدؤوا يسعون لدى الإمام في إطلاق سراحهم؛ حتى اقتنع الإمام بإطلاقهم، لكنه أقسم يمينًا أن صاحب الترجمة لن يخرج من سجنه إلا إذا وافق على الخروج من مدينة صنعاء؛ فرفض صاحب الترجمة هذا الشرط، وظل مسجونًا حتى تدهورت صحته؛ فتراجع الإمام عن قسمه، وخرج المحلوي من سجنه مريضًا معلولاً، ولم يلبث أن مات.

كان المحلوي شجاعا جسورًا لديه قدرة فائقة على المناظرات العلمية، لبقًا، جذابًا، استمال الكثير من رجال اليمن في عصره إلى معارضة الإمامة؛ ما جعل كثيرًا من أدبيات الثورة اليمنية تعده النواة الأولى للثورة على الحكم الإمامي في اليمن.

وقال عنه الأستاذ إبراهيم المقحفي نقلا عن الشاعر الأديب علي صبرة: “هو أحد الشموع المضيئة التي واجهت ظلام عهد الطاغية يحيى، وكان من أول الدعاة وأنشطهم إلى التوعية الفكرية لأبناء الشعب، وتبصيرهم بواقعهم المتخلف توفي سنة 1354ه”.

المصادر:

  • موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه، د. عبد الولي الشميري، مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون، ط1، 2017م.
  • معجم القبائل والبلدان اليمنية إبراهيم المقحفي، مكتبة الجيل الجديد، ط5، 1432ه/ 2011م.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى