ما الذي يوحد الإخوان والحوثيين ضد طارق صالح؟
في إطار تحصينها للجبهة الداخلية، ولتعميق الوحدة التنظيمية بين أعضائها، تعمل جماعة الإخوان المسلمين على اختلاق الخصوم واصطناع المعارك الوهمية والعبثية، بحيث يتكتل أفراد الجماعة للدفاع عنها في مواجهة الخصم المصطنع، وبهذا يشعرون بوحدتهم، وبقوة الجماعة في مواجهة المتآمرين الافتراضيين ضدها.
فجماعة الإخوان المسلمين لا تعيش دون خصوم، ودون اختلاق معارك حسب حاجتها للحفاظ على وحدة أعضائها، ولذا فقد عملت الجماعة في اليمن على معاداة ثورة 26 سبتمبر، وفقاً لاعترافات القيادي فيها وعضو البرلمان عن التجمع اليمني للإصلاح، الشيخ عبدالله أحمد علي العديني، الذي قال في تسجيل صوتي: “نحن أقمنا حركة الإخوان المسلمين ضد 26 سبتمبر، جاء عبده محمد المخلافي في 65، وجاء ياسين عبدالعزيز بعده في 68، وجاء عبدالمجيد الزنداني، وأنشأنا حركة الإخوان المسلمين على اعتبار أن ثورة 26 سبتمبر ثورة جاهلية، وأنها نظام يجب أن يسقط، ويجب أن يقوم على أنقاضها النظام الإسلامي”.
الشيخ عبدالله العديني، ” أقمنا حركة الإخوان المسلمين ضد 26 سبتمبر، وأنشأنا حركة الإخوان المسلمين على اعتبار أن ثورة 26 سبتمبر ثورة جاهلية، “
بعد ذلك، عملت الجماعة على الوقوف في وجه الناصريين وانتفاضة أكتوبر 78، التي قادها أمين عام التنظيم الناصري آنذاك، عيسى محمد سيف، حيث وقفت الجماعة في صف النظام الحاكم، لإجهاض الانتفاضة، وعام 94، وقف الإخوان المسلمون ضد الحزب الاشتراكي اليمني، وقام عدد من قيادات الحركة بإصدار فتاوى التكفير ضد الحزب الاشتراكي والجنوبيين، وأبرزها فتاوى الدكتور عبدالوهاب الديلمي، والشيخ عبدالمجيد الزنداني، وغيرهما.
استمرت الجماعة في سياسة اختلاق الخصوم، وصولاً إلى اليوم الذي يشهد تقارباً ملحوظا بينها وبين جماعة الحوثيين، تنفيذاً لأجندة التقارب القطري التركي الإيراني، حيث لجأت جماعة الإخوان المسلمين إلى اختلاق الخصومة مع طارق صالح، مؤسس وقائد المقاومة الوطنية “حراس الجمهورية”، في مواجهة الحوثيين.
بعد انقلاب الحوثيين على الدولة، في 21 سبتمبر 2014، تحالف معهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ليستمر هذا التحالف إلى الثاني من ديسمبر 2017، وانطلاق الانتفاضة ضد الحوثيين في صنعاء، حيث تم قتل صالح على يد الحوثيين، بعد يومين فقط من دعوته للانتفاضة ضدهم.
يرى قادة وأنصار انتفاضة 2 ديسمبر -بحسب حديث سابق لطارق- أنها جاءت بهدف “الحفاظ على مؤسسات الدولة، ووقف عمليات الفساد المالي والإداري فيها، وتدمير مؤسسة الجيش والأمن وحرف ولائها وعقيدتها العسكرية، وجر اليمن لمحاور إقليمية تتعارض مع مصالح اليمنيين والموقع الطبيعي لليمن كجزء من الجغرافيا العربية، بالإضافة إلى الاختراقات للعملية التعليمية والعبث بالمناهج الدراسية الذي مارسه الحوثيون”.
في الـ4 من ديسمبر 2017، نجح الحوثيون بقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا، والعشرات من أنصارهم وحراستهم، بعد حصارهم في منزل صالح في “الكميم”، وسط العاصمة صنعاء، والذي شهد معارك عنيفة بين الجانبين، ليتم بذلك طي صفحة صالح، وفتح مرحلة جديدة في علاقة جماعة الحوثيين مع المؤتمر الشعبي العام، مرحلة قائمة على التحالف الإجباري تحت تهديد السلاح في مناطق الحوثي، والخصومة والاقتتال مع المؤتمر الشعبي العام المتواجد في مناطق الشرعية.
نجح العميد طارق صالح بالإفلات من يد الحوثيين، والوصول إلى مأرب، حيث تم استقباله من قبل عدد من قيادات الشرعية، وفي مقدمتهم نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن الأحمر، ليتوجه بعدها إلى عدن، ويقوم بتشكيل المقاومة الوطنية “حراس الجمهورية”، والتي تعد جزءاً من قوات المقاومة المشتركة التي يقودها التحالف العربي لاستعادة الدولة وفرض الأمن والاستقرار في اليمن، والتصدي للخطر الإيراني الذي يتهدد أمن واستقرار المنطقة، حيث تم فتح المعسكرات لاستقبال وتجميع وإعادة تجهيز عدد من ضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن، بدعم وإسناد من التحالف العربي والمقاومة الجنوبية.
في بداية شهر أبريل من العام 2018، نجح “حراس الجمهورية”، مع ألوية “العمالقة”، في عملية تم الإعداد لها لتحرير “مفرق البرح”، حيث نجحت العملية العسكرية في تحرير عدد من مديريات الساحل الغربي التابعة لمحافظتي تعز والحديدة، فقد تم تحرير مناطق جبال ومعسكر العمري وكهبوب وموزع و الوازعية، وتأمين الساحل الغربي من باب المندب إلى الخوخة، مروراً بالمخا، ووصولاً إلى تحرير عدد من المناطق الجنوبية والشرقية والشمالية للحديدة.
وفي الوقت الذي تحتاج القوى المواجهة للانقلاب، إلى توحيد صفوفها، والتوحد حول مشروع مواجهة الحوثيين، واستكمال عملية التحرير، والقضاء على الانقلاب، واستعادة الدولة ومؤسساتها، عملت جماعة الإخوان المسلمين على اختلاق الخصومة مع المؤتمر الشعبي العام و”حراس الجمهورية”، تحت ذريعة عدم اعتراف طارق صالح بالشرعية، واتهامه بتنفيذه أجندة خارجية، والتشكيك بقواته وتخوين أفرادها.
تحقيق طارق صالح لنجاحات في غضون اشهر عجزت عن تحقيقها القوى الأخرى في معركة استعادة الدولة وتكوين جيش منضبط وتصدره للمشهد اثار حفيظة حزب الإصلاح والاجنحة التابعة له وصبح طارق صالح وقواته هو العدو المشترك للحوثيين والاخوان معا .
فعلى مدار خمسة اعوام من بدء المعركة كانت ولاتزال جميع مفاصل الدولة بيد منفردة لحساب وتوجهات حزب الاصلاح وتدار المعركة بناء على الخطة التي رسمها الاصلاح لسيطرتة المطلقة على البلاد بعد الخلاص من الحوثي وصالح والمؤتمر معا .
ولكن يبدو ان عودة المؤتمر الى الواجهة من جديد وشخصيات من ال عفاش تحديدا لم يضع له حساب في صورة القسمة الموضوعة لليمن الذي سيتشكل بعد انتهاء الحرب .
ومع اخفاق حزب الإصلاح إحراز أي تقدم حقيقي في جبهات القتال وخصوصا في تعز وجبهة نهم ، وعلاوة عن فضائح الفساد التي تلاحق الجيش الذي اعده حزب الإصلاح ،اصبح طارق وقواته يشكلان خطرا حقيقا بوجهة نظر الإصلاح والخوف من ما اذا حققت قواته تقدم ما او انتصار في أي معركة ، لأنه سيكشف العجز الذي مني به الجيش الهش الذي تم اعداده من قبل الإصلاح باسم الشرعية ، فلذلك اصبح امر إعاقة طارق وقواته عن تحقيق أي نجاح هدف لدى حزب الإصلاح ، وسيتم ذلك باي طريقة من الطرق ، حتى ان استدعى الامر مواجهته عسكريا، وهذا ما حدث في عدة مناطق حاولت فيها قوات المقاومة المشتركة المشاركة فيها .
القوات المشتركة : قوات دعم لوجستي ذهبت للمشاركة في جبهات الضالع وقعطبة والعود الا ان تلك القوات تعرضت للاستهداف من قبل قوات محسوبة على الجيش “الوطني” .
ذكرت مصادر خاصة في القوات المشتركة للمدونة اليمنية ان قوات دعم لوجستي ذهبت للمشاركة في جبهات الضالع و قعطبة والعود الا ان تلك القوات تعرضت للاستهداف من قبل قوات محسوبة على الجيش “الوطني” .
كما ذكرت المصادر ان القوات المشتركة طالبت رئاسة الأركان بالسماح لها بتنفيذ خطة تدخل سريع لفك الحصار عن حجور الا ان طلبها قوبل بالرفض متحججا بان ثمة خمسة الوية في طريقها الى هناك ولم يتم ذلك حتى قمعت قوات الحوثي احدى اهم الانتفاضات القبلية ضده وقتل المشاركين وتفجير منازلهم وتهجير من تبقى منهم.
وفي الوقت الذي عملت جماعة الإخوان المسلمين على تحييد جبهات القتال في تعز ومأرب ونهم، والكثير من الجبهات، حاولت الجماعة اختلاق معارك في مناطق محررة كمنطقة الحجرية بريف تعز، كما رفع محور تعز -الموالية قيادته للإخوان- يافطات في المناطق القريبة من الجبهات، تحذر السكان من وجود قناصين، كما قام بوضع “طرابيل” في بعض مناطق التماس، مثل منطقة زيد الموشكي.
أبعد من ذلك، ذهبت القيادات العسكرية لقيادة المحور والألوية التابعة لها، لالتماس الحوثيين لفتح بعض المعابر، فيما قام محور تعز بتحريك 50 طقماً عسكرياً إلى منطقة التربة المحررة والواقعة في مسرح عمليات اللواء 35 مدرع، لاختلاق معارك عبثية وتحرير المحرر.
كانت جماعة الإخوان المسلمين جهزت وأعدت لحربها في التربة، عبر اتهام طارق صالح بمحاولة احتلال الحجرية، واتهامه بأنه يرسل أفراده إلى التربة لاحتلالها، وقامت بالتحشيد إلى التربة تحت مبرر مقاتلته، كما أفادت بعض قيادات مليشيا “الحشد الشعبي”، أن مقتل مرافقي محافظ تعز على يد مسلحين تابعين للحشد، جاء إثر الاشتباه بهم وبسيارتهم أنهم يتبعون طارق صالح.
أفادت بعض قيادات مليشيا “الحشد الشعبي”، أن مقتل مرافقي محافظ تعز على يد مسلحين تابعين للحشد، جاء إثر الاشتباه بهم وبسيارتهم أنهم يتبعون طارق صالح.
الرد جاء من اللواء 35 مدرع، وحاول قائده بث تطمينات ، مؤكداً أن مهمة اللواء هي توفير الأمن لكل الأسر التي نزحت إلى التربة من بطش الحوثيين، وأن هذا واجب أخلاقي ووطني، فيما أكدت مصادر في إدارة أمن مديرية الشمايتين، أن الأسر النازحة إلى التربة يتم تأجير منازل لها، واتخاذ إجراءات في ذلك من قبيل تسجيل بياناتها لدى العقال وإدارة الأمن، وأنه من حق أية أسرة يمنية أن تستأجر منزلاً لها، فكما أن أبناء التربة متواجدون في كل المناطق اليمنية، فهم يرحبون باليمنيين من جميع المناطق.
يحاول طارق صالح مرارا في خطاباته بث رسائل تطمين ، وفي خطابه الاخير دعا القيادات العسكرية في تعز، إلى ترك اختلاق المعارك العبثية، والعمل جميعاً لتحرير تعز وتحرير الحديدة وصولاً لتحرير صنعاء، ساخراً من الحديث عن محاولات احتلاله للتربة، بالقول إن الذي يريد أن يحارب لن يصطحب عائلته.
وكان الشيخ حمود المخلافي دعا، في وقت سابق، جميع المقاتلين في الحدود السعودية مع اليمن، للعودة، وأعلن عن تكفله بنفقات استقبال وإعداد هؤلاء المقاتلين، وصرف رواتب لهم، ومنحهم أرقاماً عسكرية، كما تم فتح مراكز تسجيل لهؤلاء الأفراد داخل مدينة تعز، ومنح مبلغ 30 ألف ريال لكل فرد يقوم بالتسجيل لديهم، فيما أعلن مصدر مقرب من الشيخ المخلافي، وصول عدد المتسجلين إلى 2500 فرد.
وما بين معارك طارق، ومعارك الإخوان المسلمين، يبقى السؤال حول نتائج التحريض ضده، خصوصاً في ظل المرحلة الجديدة التي ترتسم ملامحها مع التوقيع على اتفاقية جدة، والدور الذي سيلعبه كل من المؤتمر والإصلاح في المرحلة القادمة، ليبقى السؤال عن نتائج سياسة الإخوان: هل “طارق”، هو العدو الاول لهم قبل الحوثيين ؟!