المتحدثة باسم الصليب الأحمر في اليمن تكتب عن إصابتها في مطار عدن من غرفة عمليتها الرابعة

منصة 26 سبتمبر – كتبت/ يارا خواجة*:

 

أكتب هذه الكلمات وقد استعدت قدرتي بشكل أكبر على التركيز.

 

أعود بذاكرتي إلى سطح بيتي في اليمن، شظيتان قديمتان صدئتان وجدت، قلت لنفسي ربما أخذهما كذكرى لي من هنا. لم أعرف يومها أنني سأحمل أخواتهما في جسدي مدى الحياة.

 

أدخل عمليتي الرابعة بعد قليل مدججة بالحب الذي يمطرني به الناس في لبنان واليمن والعالم.

 

أقول استثمرت صح يا يارا!

 

التجربة صعبة. لا هي الأصعب على الإطلاق. أن تتحول دقائقي الأخيرة في اليمن إلى رحلة علاج لا ترى آخر واضح صعبة.

 

الألم صعب. الأحلام صعبة. قلة النوم أصعب ولكنني بين أهلي وأحبتي، وهذا يبلسم كل الجروح بكل ما يحمل الكليشية من معنى.

 

لا أذكر ما حصل لأنسى لكني أسامح. قدّم اليمنيون لي حباً كافياً ليعوّض ما جرى.

 

بالطبع أسأل نفسي: لماذا؟ لم أنا؟ ما كل هذا الوجع؟ إلى متى سأتألم؟ أبكي. وأبكي وأضحك وأبكي. لا مفر من الحزن ولا مفر من الوجع، التجارب التي تذكر مشبعة بكل الأحاسيس بكافة تناقضاتها.

 

الشكر للشاب الذي أنقذني وللطاقم الطبي من اللحظة الأولى حتى الآن، للأقارب، للأصدقاء، لل”حب”، بفضلكم سأدخل عامي الجديد بأمانٍ بديهية لكن ملحة: أن أتنفس بحرية، وأن أمشي على ساقي وأن ألوّح بيدي وأرقص وأن أستلقي على ظهري دون أن تخزني الشظايا وأن يعود شعري قوياً طويلاً وأن أوفي كل هذا الحب لأصحابه. أن أدخل عامي الجديد- على السبيل الدعابة- بتفاؤل الصحافي الذي قال أن جراحي طفيفة.

 

الرحمة لزملائي الذين قضوا بجانبي ولكل من مات يومها ويموت كل يوم في هذا العبث.

 

* المتحدثة الرسمية باسم الصليب الأحمر في اليمن، نقلا عن صفحتها بالفيس بوك.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى