قطر تموه على اتهامات الإرهاب بمداواة الجرحى الصوماليين في الدوحة

مقديشو – منصة 26 سبتمبر – متابعات :

لجأت قطر إلى الاستعراض الإعلامي والإنساني من خلال تضخيم إجلاء عدد محدود من الجرحى في تفجير إرهابي بالصومال في محاولة لتطويق مخلفات الفضيحة المدوية لتسريبات كشفت من خلالها صحيفة نيويورك تايمز عن دور قطري مباشر في تفجيرات تستهدف طرد استثمارات إماراتية في أحد الأقاليم الصومالية.

يأتي هذا في وقت تجد فيه السلطات القطرية نفسها محاصرة بهذه الفضيحة بالرغم من محاولتها دفع مسؤولين صوماليين لتبرئتها وسط دعوات محلية لقطع العلاقات مع الدوحة وفتح تحقيق برعاية أفريقية أممية عن رعايتها للإرهاب وحرمان الصومال من فرصة الحصول على استثمارات ومشاريع خارجية تساعده في الخروج من أزمته.

وقالت قطر، الخميس، إنها نقلت 12 من مصابي التفجير الانتحاري، الذي وقع الأربعاء داخل مقر بلدية العاصمة الصومالية مقديشو، إلى الدوحة لتلقي الرعاية الطبية.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) عن مصدر مسؤول (لم تسمه) بوزارة الخارجية القطرية، قوله إن الدوحة أرسلت طائرة مزودة بتجهيزات وطاقم طبي متكامل إلى مطار آدم عدي الدولي بمقديشو لنقل مصابي الهجوم إلى الدوحة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.

وأضاف أن “الطائرة أقلت 12 مصابا من بينهم عمدة مقديشو، إضافة إلى 16 مرافقا (غير مصابين) تتقدمهم خديجة محمد ديريه، وزيرة الشباب والرياضة بالصومال”.

ويعزو مراقبون التركيز الإعلامي القطري على خبر صغير في حجم إجلاء 12 جريحا صوماليا إلى غرض أكبر من البعد الإنساني، خاصة أن منظمات حقوقية وإنسانية كثيرة تقوم بهذا العمل بشكل يومي ولا يثار حولها كل هذا الاهتمام، لافتين إلى أن الهدف يرتبط بشكل مباشر بفضيحة التسريبات التي نشرتها نيويورك تايمز عن دور ثابت للدوحة في دعم الإرهاب، وهو ما فشلت في تبديده أو تكذيبه بشكل صريح.

ومردّ الحرج القطري من فضيحة التسريبات أنها لم تأت من جهة إعلامية أو استخبارية عربية لتبادر الدوحة إلى تكذيبها وربطها بنظرية المؤامرة والاشتغال على المظلومية المعتادة، وإنما جاءت من وسيلة إعلام أميركية ونقلا عن دوائر استخبارية لا تقدر أن تشكك فيها خوفا من كشف ملفات أخرى عن دورها في دعم الجماعات أو الأفراد الموضوعين على القوائم السوداء.

وكشفت الصحيفة عن مكالمة بين رجل أعمال مقرب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسفير الصومال عن توظيف تفجيرات إرهابية لدفع استثمارات إماراتية إلى المغادرة وإخلاء الطريق أمام النفوذ القطري.

وذكرت نيويورك تايمز أن التسجيل الصوتي يتحدث فيه سفير قطر في الصومال حسن بن حمزة هاشم مع رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي، الذي وصفته بأنه مقرب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد.

وأضافت أن المهندي أبلغ السفير بأن الميليشيات نفذت تفجيرا في مدينة بوصاصو الساحلية لتعزيز مصالح قطر وإبعاد الإمارات عن استثمارات الموانئ هناك، ونسبت إليه قوله “أصدقاؤنا يقفون خلف التفجيرات الأخيرة”.

ويعبّر مراقبون عن اعتقادهم بأن قطر تراهن على أن الصوماليين سينسون قصة التسريبات بسبب التفجيرات الإرهابية اليومية التي تنفذها حركة الشباب المقربة من الدوحة، وأن حركة رمزية مثل إجلاء جرحى وإرسالهم إلى العاصمة القطرية للتداوي ستمتص غضبهم، خاصة أنها تمتلك علاقة قوية مع الحكومة الصومالية إلى درجة إرسال وزيرة الرياضة مع وفد الجرحى إلى الدوحة، ودفع وزير الخارجية الصومالي إلى إطلاق تصريحات لـ”تبرئتها” من تهمة التحكم في الإرهاب وتكييفه حسب مصالحها.

قال وزير خارجية الصومال، أحمد عيسى عوض، “إن الحكومة الفيدرالية ببلاده اقتنعت ببيان الحكومة القطرية الذي نفت فيه ما ورد في تقرير نيويورك تايمز”، منوها إلى “أنه التقى سفير قطر لدى الصومال، وشرح له الموضوع بتفاصيله”.

لكن مسرحية إجلاء الجرحى ونقلهم للتداوي في الدوحة لم تتمكن من امتصاص الغضب الصومالي، فقد دعا حزب “ودجر”، وهو أحد أبرز الأحزاب في مقديشو، إلى فتح تحقيق صومالي وآخر من إنجاز الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة حول دور قطر في دعم الإرهاب في الصومال بعد التفجير الذي شهدته مدينة بوصاصو في 11 مارس 2019، والذي ربطته نيويورك تايمز بقطر.

ويتهم الصوماليون قطر بأنها خربت محاولات مختلفة لإعادة بناء الجيش الصومالي، وخاصة ما قدمته الإمارات من دعم لقوى الأمن والجيش وتزويدها بالمعدات وتدريبها على التصدي للإرهاب. كما تكفلت الإمارات ببناء مراكز شرطة ومدارس وعيادات صحية وحفر آبار لمساعدة الصوماليين على تحسين شروط عيشهم، لكن الإرهاب الموجه الخادم لأجندة دول مثل قطر وتركيا دفع الإماراتيين إلى سحب دعمهم.

ودربت الإمارات المئات من الجنود الصوماليين منذ عام 2014 في إطار جهد مدعوم من البعثة العسكرية للاتحاد الأفريقي، يهدف إلى هزيمة المتشددين الإسلاميين ومساعدة الصومال على محاربة عصابات القرصنة التي تهدد حركة النقل البحري في منطقة القرن الأفريقي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى