محمد عايش يكتب.. من يقصف السعودية؟


لم يكن الحوثيون جادين جداً في نفي أي عملية منسوبة لهم كما ظهروا بعد استهداف مطار الرياض بصاروخ، السبت الماضي.
ناطقهم الإعلامي، محمد عبد السلام، وناطقهم العسكري، يحيى سريع، إضافة لعديد قيادات سارعوا فور الإعلان عن الاستهداف إلى نفي مسؤولية جماعتهم بشكل حاسم، ما خلق لدى المتابع حيرة حقيقية حول من قد يكون الفاعل، وما الذي يعنيه هذا التطور الذي قد يشكل منعطفا هاما في مسار الحرب.

أقرب تفسير هو أن طرفا إيرانيا (من العراق أو غيرها أوحتى من داخل اليمن) نفذ العملية معتمدا على ماجرت عليه العادة في عدم ممانعة الحوثيين تبني عمليات كهذه أو على الأقل عدم نفيهم مسؤوليتهم عنها، لكن الجماعة تمر بظرف حرج لا تستطيع معه تحمل كلفة العملية، حيث لازالت تأمل أن إدارة “بايدن” ستتراجع عن تصنيفها كجماعة إرهابية. ومن شأن قصف الرياض أن يعقد المسألة وينسف الأمل.
لقد بدا مضمون النفي بلهجته الشديدة وكأنه، في وجهه الآخر، رسالة احتجاج إلى “شريكٍ” لم يراعِ الظرف الدقيق لشريكه ولم يأخذ رأيه.

قصف مطار عدن أثناء عودة الحكومة، كان أحد الحيثيات التي استند إليها وزير الخارجية الأمريكية المغادر، بومبيو، في اعلانه قرار تصنيف الجماعة، ما يعني أن قصف مطار الرياض قد يشكل بدوره حيثية لقرارٍ بعدم التراجع عن القرار.

إلى أي حد يمكن أن يكون الحرس الثوري في موقع من يرى أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية يصب في مصلحته؟!
فالمزيد من العزلة الدولية للجماعة يعني المزيد من رضوخها له، وصولا إلى الارتهان الكامل لخياراته ولمشاريعه العسكرية والأمنية في المنطقة، وكأداة تنفيذية لا كشريكة في اتخاذ القرار.
فالحوثية كجماعة مقاتلة معزولة عالمياً أفضل بكثير بالنسبة للحرس الثوري، منها كسلطة معترف بها وتتمتع بأي قدر من العلاقات مع العالم (ما سيجعلها تمتلك هامشا من المناورة والاستقلال عن رغباته).

اعتراض صاروخ آخر اليوم فوق سماء الرياض، يرجح هذه الفرضية، فالطرف المجهول/ المعلوم في ذات الوقت، يريد، ضمن حزمة أهدافه، استنفاد كل الفرص الضئيلة أمام الجماعة للخروج من قائمة الإرهاب .

بعض سياسيي الجماعة عبروا عن ذلك ولكن بطريقة مختلفة، فعبد الملك العجري غرد يقول إن السعودية تضرب نفسها بهدف اقناع إدارة بايدن بالمضي قدما في قرار التصنيف.
لكنها فكرة خفيفة، فالأمريكيون ليسوا أطفالا حتى تضحك عليهم الرياض بقصف نفسها.

من حائط الكاتب على الفيس بوك

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى